التذكر والنسيان
مقدمة:
إن عمليات التذكر المختلفة ليست جميعها متشابهة من وجهة النظر السيكولوجية ولكن مع ذلك ففيها بعض العوامل المشتركة. وفي كل حالة منها فإن ما نتذكره والطريقة التي يتم بموجبها التذكر يعتمد على ما تم لنا تعلمه في الماضي وعلى درجة إتقاننا لذلك التعلم. فالتذكر يتضمن اكتساب المعرفة أو الخبرة كخطوة أولى ويتبعها فيما بعد استدعاء أو تذكر ما تم اكتسابه. والنسيان هو الفرق بين ما تم تذكره.
أشكال التذكر
يوجد عدة كيفيات تستخدم في الكشف عن قدرتنا على التذكر وهذه الكيفيات هي التالية:
1 ـ الاسترجاع 2 ـ التعرف. 3 ـ الاحتفاظ.
1- الإسترجاع :
تعتبر عملية الاسترجاع عبارة عن استجابة كمثير، وهذا هو أكثر أنواع التذكر استخداماً في التجارب المخبرية لقياس القدرة على الحفظ. وفي أمور الحياة العادية، فإن عمليات الاسترجاع كثيرة ومتعددة ويسهل إعطاء العديد من الأمثلة عليها. إنك سرعان ما تتبين بأنك ما زلت تعرف أصول السباحة برغم عدم ممارستك لها عدداً من السنين أو أنك ما زلت قادراً على استرجاع قصيدة شعرية سبق لك أن تعلمتها منذ زمن بعيد .
2- التعرف :
معظم الطلبة يوافقون على أن النتائج التي يحصلون عليها في حالة فحص يقيس التعرف تكون أفضل من النتائج التي يحصلون عليها في حالة أي نوع آخر من الفحوص. ففي حالة فحص من نوع الاختيار من متعدد ينتظر أن تكون نتائجه أفضل مما هي عليه حالة فحص من نوع المقال حيث يطلب إليهم الاسترجاع التام من الذاكرة.
3- الاحتفاظ.
وهو القدرة على التحصيل وتخزين المعلومات ، وهو على نوعين : تلقائي ، ومتعمد .
أنواع الذاكرة :
ينقسم الذاكرة إلى عدة أنواع حسب موضوعاته وهي :ـ
1ـ ذاكرة لفظية :
وهي التي تساعد صاحبها على تذكر الألفاظ وإعادتها ثانية دون اهتمام بمعانيها .
2ـ ذاكرة عقلية :
وهي تهتم بالمعاني أكثر من اهتمامها بالألفاظ ، فهي تقدر على استعادة المواقف الماضية واسترجاعها ، كتذكر حوادث قصة وتسلسلها ، أو تلخيص عناصر محاضرة علمية من غير تذكر الألفاظ والعبارات التي قيلت .
3ـ ذاكرة حسية :
وهي التي يمكنها استعادة كل المؤثرات الحسية بصرية كانت أو سمعية أو ذوقية بكل تفاصيلها ومميزاتها .
العوامل المؤثرة في الذاكرة:
حسب الدراسات الطبية والنفسية والعصبية... هنالك مجموعة من العوامل التي تؤثر في ذاكرة الإنسان وفي عملية النسيان، من أهمها:
1ـ العوامل الصحية والعضوية والنفسية التي تؤثر في حياة الإنسان وفي قدرته على التعلم والانتباه والفهم والحفظ، مثل إصابات الدماغ، وإصابات الحواس، والأمراض النفسية كالقلق، والتوتر، والاكتئاب، والمخاوف بأنواعها...
2ـ مستوى التعلم والإتقان للمادة التي يتعلمها الإنسان، ومستوى التدريب العملي إلى جانب التعلم النظري، وكذلك التعلم على مراحل منتظمة (مقابل التعلم المكثف) يتخللها استراحة عقلية ونفسية مناسبة، مع وجود اهتمام ودافعية لعملية التعلم أو لاكتساب الخبرات، فالأمور التي تهم الإنسان تثبت في ذاكرته أكثر من الأمور التي لا تهمه والتي سرعان ما ينساها.
3ـ مدى استعمال الخبرات خلال حياة الإنسان، فقد ثبت بأنه كلما استعمل الإنسان خبراته على فترات زمنية غير متباعدة كلما أدى ذلك إلى مستوى احتفاظ مرتفع، وذاكرة قوية، وكلما قاوم عملية النسيان.
4ـ درجة المعنى أو الفهم لخبرات الإنسان أو لما يتعلمه في الحياة، فقد ثبت أن الخبرة ذات المعنى والمترابطة في عناصرها، والمفهومة بشكل واضح تسهل عملية الاحتفاظ في الذاكرة، كما تسهل عملية التذكر.
5ـ وهناك ما يسمى بعامل الكف حيث تؤثر المعلومات المتعلمة (أو المكتسبة) الجديدة أو اللاحقة على المعلومات المتعلمة والخبرات السابقة لدى الفرد، ويحدث بينهما تداخل وتفاعل يؤدي إلى ترك أو نسيان المعلومات التي لم تعد تفيد الإنسان في حياته...
6ـ وبشكل عام إن الذاكرة والنسيان تتأثر بعدة عوامل وأوضاع يمر بها الفرد مثل قدرات الفرد العقلية (الذكاء) ودافعية الفرد، واهتماماته، وصحته، وحالته النفسية، وأوضاعه الأسرية والاجتماعية والتعليمية، وعوامل الكبت، والحرمان، وكذلك عمر الفرد ومرحلة نموه، والإدمان على الكحول والمخدرات وغير ذلك.
النسيان :
هو عدم القدرة على استدعاء ما رسخ في الذاكرة من معلومات أو خبيرات على نحو دقيق أو سليم وبشكل جزئي أو كلي والنسيان نعمة ونقمة.
كما تعرف عملية النسيان بأنها عملية فيزيولوجية عصبية حيوية وهي إحدى وظائف الدماغ، حيث يقوم الدماغ بعملية كف أو تثبيط لبعض الذكريات التي لم تعد تهم الإنسان، ويدفع الدماغ بهذه الخبرات إلى حيزّ اللاوعي (أو اللاشعور)...
أسباب النسيان :
اختلفت النظريات السيكولوجية المفسرة للنسيان ، وللإيجاز نذكر ثلاثا منها وهي :ـ
1ـ نظرية الضمور :
وتهتم هذه النظرية ، بأن ذكرياتنا وخبراتنا السابقة تسجل في الدوائر الكهربائية والعصبية في المخ تماما كما تسجل الأغاني أو المحاضرات على شريط التسجيل ، وتضعف أثار الذاكرة بمرور الزمن .
2ـ نظرية التداخل :
إن تداخل أوجه النشاط المختلفة أثناء النهار ، وكثرة الأعمال الحركية والذهنية من طبيعتها أن تؤثر على عملية التدعيم ، ومن ثم يسهل نسيان المواد المستذكرة .
3ـ نظرية الكبت:
هذه تتبع نظرية التحليل النفسي في تفسيره لحتمية الأمور ، فنحن ننسى الحوادث التي إذا تذكرنها نشعر بألم نفسي شديد ، نظرا لترابط هذه الذكرى بحادث أو شخص أو نشاط سبب لنا في فترة سابقة ألما وقلقا شديدين. والنسيان في هذه الحالة عملية دفاعية لا شعورية.
العامل المؤثرة في النسيان :
1- الحالة الجسمانية: التعب، الألم، مستوى الاستثارة ، المرض.
2- عوامل إدراكية: الانتباه، التركيز، التشتت ، تزاحم الأفكار.
3- عوامل عاطفية: الضغط العصبي، القلق، الحزن، الابتهاج.
4- عوامل بيئية: الأصوات، الروائح، مستوى الضوء.
5- عامل الزمن : تقدم السن ( الشيخوخة ).