المدير العام Admin
المساهمات : 207 تاريخ التسجيل : 03/05/2008
| موضوع: التعليم عن طريق التلقين هو وسيلة للقمع والتجهيل الإثنين مايو 12, 2008 2:47 am | |
| التعليم عن طريق التلفين هو وسيلة للقمع والتجهيل
أسلوب التعليم السائد في مدارسنا اليوم يعود الطالب علىالترديد والحفظ، والخضوع للسلطة، ولا يساعده على البحث والإبداع.
إن الاستعداد للتلقي تتعلمه الذات سواء عن طريق البيت أم المدرسة، وهوالأسلوب الوحيد في التعليم والتربية. والاهم أن نوعية ما يلقن أو يدرس لم يعمل علىتغيير عقلية الفرد، ولم يحرره من عناصر التواكل والتلقي والخنوع.
ولا زال التعليم في مختلف مراحله وبشكل إجمالي سطحياً في معظم مدارسنا في طرقه وفي محتوياته. ولا تزال طرق التعليم تلقينية إجمالاً تذهب في اتجاه واحد من المعلم، الذي يعرف كل شيء ويقوم بالدور النشط، إلى التلميذ الذي يجهل كل شيء، فيفرض عليه دور التلقي الفاتر دون أن يشارك أو يناقش أو يمارس، ودون أن يعمل فكره فيمايلقن.
والتلقين من حيث هو طريقة تسلطية في التعليم تجعل التلميذ يستجيب دون أن يشارك في الرأي (أي الدراسة بالاستظهار). وما يدرسه الطفل بهذه الطريقة يحفظه كما هو، بمعنىأنه لا يتأثر بموضوع التعلم لأنه لا يهتم بفهمه وإدراكه بل باستنساخه وحفظه.
وبالطبع لا تساعد هذه الطرق على اكتساب الطفل التفكير النقدي الجدلي.. إنه في أحسن الأحوال يحفظ العلم دون أن يستوعبه، أو يحفظ الامتحان دون أن تعد شخصيته بشكل علمي. وتصبح المعرفة بهذه الطريقة بالضرورة معرفة مجردة مطلقة ليس لها سوى علاقة واهية بتجارب الحياة اليومية.
والسبب في ذلك يرجع إلى طرق التدريس والتقييم، حيث أن الأستاذ هو المصدر الوحيد للمعرفة والتلميذ في وضعية المتلقي المستهلك ناهيك عن طريقة التقييم في الامتحان حيث ما هو مطلوب من التلميذ في الامتحان أن يجب على الأسئلة حسب نموذج الإجابة ، الأمر الذي يترتب عليه فصل تام بين ما يكتسب في الأمكنةالتعليمية والواقع اليومي.
ويجب على مدارسنا أن تواكب باستمرار التحولات الجذرية التي تعرفهاالمعرفة العلمية والإنسانية بحيث توفر للتلميذ أو الطالب كل شروط الاستقلال والتحرر، بدل تهيئته للحفظ والاستظهار، عن طريق تدريبه على الترديد والحفظ بحيث لا يبقى مجالا للتساؤل أو البحث أو التجريب.
وعملية التلقين تمارس بالضرورة من خلال علاقة تسلطية .. سلطة المعلم لا تناقش (حتى أخطاؤه لا يسمح بإثارتها وليس من الوارد الاعتراف بها) بينما على الطالب أن يطيع ويمتثل، إذ من النادر أن يجيب محيط المدرسة على تساؤلات الطفل الطبيعية حول أسرار الوجود وقوانين ظواهره المختلفة إجابة علمية رصينة.
والآلية المرافقة للتلقين هي العقاب الجسدي، والعنصر المشترك بين التلقين والعقاب هو أنهما يشددان على السلطة ويستبعدان الفهم والإدراك. أي يدفعان إلى الاستسلام ويمنعان حدوث التفاعل والتغيير، بدل أن يكون التعليم إطاراً مؤسسياً لإنتاج الفاعلية وروح الإبداع .
ولتأكيد سلطة المعلم في الصف فإنه يفرض على تلاميذه الضبط الشديد والقاسي.. الضبط القائم على الخوف. وطبيعي أن استعمال التوبيخ وغيرها من العقوبات تهدم شخصيةالطفل وتقيد حركاته وسكناته باستمرار مما يخلق عنده الخوف من المعلم والوجل منالعمل المدرسي ويؤدي ذلك إلى عرقلة عملية التعليم.
إن الصفعة التي يوجهها المعلم لتلميذه قد لا تكون مؤلمة بقدر ما هي وسيلة إذلال. فالمدرسة مكان للتأديب، أي لتقويم الطفل حسب المطلوب منه ليكون مؤدباً (فاتراًومطيعاً وسلبياً) بواسطة الإرهاب والقمع وأحياناً التخويف، والمطلوب إذا من مدارسنا أن يسود فيها جو الهدوء التام المطلق والنظام الشامل في جميع أوقات الدراسةعن طريق الحكم القسري الشديد وبواسطة العقوبة.
ولا زال نجاح المعلم يقاس في بعض المدارس بمقدرته على توقيع العقوبات وإلقاء الأوامر الجافة علىالتلاميذ الهائجين وخضوعهم لها. أما حب التلاميذ والتقرب منهم وإخضاعهم إلى نظامينبع من سلوكهم ويفرضه عليهم وجدانهم فكانت ولا زالت فكرة بعيدة عن الأذهان .
إن طرق التلقين والعقاب والتخويف في التربية والتعليم في مدارسنا لا تتفقمع المبادئ الديمقراطية التي هي أبسط المثل الإنسانية في العالم. لأن هذه الطرائقتلغي النقاش والندية والمساواة والحرية وتعطل الحس النقدي في الطالب.
يقول هربارت Herbart: "إن التربية لتغدو طغياناً وظلماً إذا لم تؤد إلى الحرية". فالتربية الحديثة تجعل حظ الأطفال والمراهقين من الاستقلال في فعاليتهم الفرديةأوسع ما يمكن. وحتى قبل أن يغدو الطفل قادراً على الاستقلال الحقيقي، أي الاختيارالعقلي الصحيح، تفسح مجال الحرية الكاملة أمام حركاته على ألا تشكل خطراً عليه ولاتضايق من يعيش معه مضايقة بالغة.
والتربية الحديثة تضع الطلاب في جو حواري، فالطالب عندما يأخذ في الحوار يأخذ فيالتفكير ويبتعد عن الشخصي والذاتي باحثاً عن الحقيقة. في ذلك الجو التربوي فقطتتفتح الآراء وتنمو الشخصيات ويترسخ الاحترام المتبادل ويخف الضغط على الوعي الفرديمما يفسح المجال أمام الاقتناع الحر والإبداع والابتكار.
وهذا ما نسعى إليه في مدارسنا الجملية بربوع جماههيريتنا الحبيبة . أ / علي الهمالي
| |
|