المدير العام Admin
المساهمات : 207 تاريخ التسجيل : 03/05/2008
| موضوع: المعلم هو الحلقة الأساسية في العملية التعليمية الإثنين مايو 12, 2008 3:15 am | |
| المعلم هو الحلقة الأساسية في العملية التربوية المعلم: العملية التربوية الناجحة يجب أن تكون سلسلة متكاملة الحلقات بدءاً بالأهداف العليا، ثم السياسات العامة، ثم المناهج، ثم المعلم، ثم الإدارة التعليمية ، ثم ما يتبع ذلك من الكتاب، والمقر.. والأمور المساعدة الأخرى. ويقولون: إن السلسلة تقدر قوتها بأضعف حلقاتها فلو كانت كل حلقات السلسلة قوية متينة ، ولكن كانت حلقة واحدة من حلقاتها ضعيفة فالسلسلة ولا شك تغدو ضعيفة هشة.فما الفائدة أن تنفق الأموال الطائلة والجهود العظيمة في وضع المناهج الجيدة والأهداف الممتازة، والأبنية الفارهة، المريحة المناسبة المزودة بكل المعدات والآلات ولكن الإدارة التعليمية تكون فاسدة، تثيب المنافق المشايع لها، وتعرقل المدرس الجاد وتهدر الإمكانيات فيما لا يفيد، وتنشغل بالتافه من الأمور، وتهمل الأساسيات والضروريات. لا شك أن كل الجهود السابقة تصبح هدراً قليلة أو عديمة الفائدة..ويقولون: إن المدرس هو حجر الزاوية في العملية التربوية وهذا قول حق فالمدرس هو الحلقة الأساسية في العملية التربوية لأنه أداة التنفيذ، للعملية بأسرها.وللأسف فالمدرس في بلادنا العربية بوجه عام هو أضعف الحلقات التربوية، وهذا الضعف له أسبابه الكثيرة:لقد أصبح الشرف في مجتمعاتنا منوطاً بالمركز المالي للشخص وأعني بالشرف المكانة في المجتمع؛ ولأن السياسات العليا للتربية في وطننا العربي تنظر إلى التعليم على أنه عملية ثانوية، أو إلهائية، أو شكلية فإنه وضعت المدرس في مقام دوني في السلم الاجتماعي.. فقدمت عليه الطبيب والمهندس، والصانع، والموظف الإداري.فالتربية والتعليم عمل غير منظور، وجهد جبار ولكنه يؤثر تأثيراً بطيئاً جداً لا تراه العين وهو معنوي أكثر منه حسي مشاهد، فشتان بين الطبيب الذي تذهب إليه بطفلك المريض وقد اشتدت درجة حرارته، وعلا صراخه وأنت مشفق عليه من الموت فيلمسه الطبيب بيديه، ويصرف له الدواء المناسب. ويعطيه ما يخفف آلامه.. فلا تفتأ أن يعود إلى الطفل ابتسامته وعافيته فلو أنك أخرجت كل ما في جيبك وأعطيته للطبيب لما كنت حزيناً على ذلك ولا آسفاً عليه..وأما المدرس فإنك تدفع إليه بابنك ليغرس فيه الأخلاق الطيبة، ويقوم عوجه النفسي والعقلي ويزرع فيه العلوم النافعة وهذا التقويم والتربية والتعليم لا يظهر على ابنك في يوم ولا يومين ولا شهر ولا شهرين.. إنها عملية بطيئة معنوية غير مرئية..وبالرغم من أن العملية التربوية كذلك عملية خطيرة جداً؛ فالمعلم قد يزرع الطهر والعفاف والشجاعة وقد يزرع الخسة والدناءة والشر والانحراف.. إلا أنه لا يدرك هذا إلا القليل من الناس ممن لهم خبرة بمعنى التربية والتعليم و الفضيلة والرذيلة والاستقامة والانحراف.والخلاصة أن العملية التربوية عملية خطيرة جداً لأنها تتعلق بالنفوس والعقول. ومعرفة النفس والعقل وأمراضهما، وعللهما أكبر بكثير من معرفة الجسم وأصعب لأنك في الحقيقة تتعامل مع المجهول، ومع المعاني وليس مع المحسوس المعلوم. ولكن يبقى أمام الناس أن عمل الطبيب ظاهر واضح وعمل المهندس والصانع ظاهر واضح لأنه يتعامل مع المحسوس الظاهر، وأما عمل المدرس فلأنه يتعامل مع المعاني والمدركات فإن عمله خفي بطيء ولما كان الأمر كذلك فإن المدرس وضع في مرتبة دونية في المجتمع من حيث الأجر والراتب أولاً ثم بالضرورة من حيث نظرة عموم الناس إليه، ثم انعكس هذا وللأسف على القائمين بالتربية أنفسهم فأصبحت نظرة المدرس لعمله منطلقة من هذه النظرة السائدة في المجتمع فأصبح يحتقر مهنته ويزري بوضعه ووظيفته. وقلما نجد مدرساً يدرك خطورة ما يصنع، وأهمية ما يقوم به..بل لقد استتبع هذا كله بالضرورة أن يتحول إلى مهنة التعليم من فشلوا في إيجاد عمل آخر ومهنة أخرى فيدخل إلى التعليم كراهية واضطراراً. وساعد في ذلك أيضاً الترتيب الجاهل للدخول إلى الجامعات. فوضعت النسب العليا للعلوم المادية، الطب والهندسة وخصت النسب الدنيا بالكليات التي تعلم العلوم الإنسانية وأهمها التربية.. فاستتبع هذا بالضرورة وجود المستويات الثقافية المتدنية في الجهاز التربوي والتعليمي..وللأسف ليس لهذه الحال مثيل قط في كل نظم التعليم في العالم. فالدول العقائدية التي تقدر مهمة المعلم في غرس المعتقد كروسيا جعلت المعلم في قمة السلم الوظيفي والاجتماعي، والدول المادية التي تقدر الإنتاج كأمريكا جعلت المعلم كذلك في قمة السلم الوظيفي والاجتماعي لما تعلم من الدور العظيم للمعلم في التنمية والحفاظ على كيان الأمة.وأما في دولنا العربية المبتلاة والتي لا تقدر دنيا ولا ديناً، لا تعرف خطورة التربية وأهميتها فإنها جعلت المدرس أضحوكة المجتمع ومثال تنذره، وجعلته البائس الفقير.. الذي يستحق من المجتمع في أحسن الأحوال الرثاء لا العزة والإكبار.ومستحيل أن تنهض العملية التربوية مستقبلاً في بلادنا إلا بتغيير جذري لوضع المعلم. حيث تقصر هذه المهنة على أهلها الأكفاء حقاً، وتبدأ أولاً بجعل النسب العليا لكليات التربية والعلوم الإنسانية التي تخرج المعلمين، وأن يوضع المدرس في أعلى درجات السلم الوظيفي، ويبعد عن المهنة كل من ليس من أهلها، وتجعل الإدارة التربوية خادمة للمدرس وليس العكس، وعند ذلك فقط تكون قد أصلحنا أهم حلقة من حلقات السلسلة التربوية.وأعود فأقول: إن التربية الناجحة لا تتأتى إلا بإتقان حلقات السلسلة جميعها، والمدرس هو الحلقة الأساسية، فلا بد من التوجه لإصلاحه أولاً. أ / علي الهمالي | |
|