وسائط ثقافة الطفل:
إن الثقافة تؤثر في الطفل من خلال مؤسساتها المختلفة، وبعض هذه المؤسسات لها
أثرها التربوي المقصود، أي أن مهمتها الرئيسية هي تربية الطفل وإعداده الإعداد المناسب لعضوية المجتمع، الذي يعيش فيه، ونذكر من هذه المؤسسات:
الأسرة والمدرسة إلا أن معظم المؤسسات الثقافية الأخرى كالصحافة والمجلات والإذاعة والتلفاز وغيرها، تتجه إلى الكبار والصغار معاً، أي أن تأثيرها يبدأ منذ طفولة المواطن، ويستمر خلال مراحل نموه وحياته.
ويهمنا هنا معرفة وسائط ثقافة الطفل بأنواعها المختلفة، وتقسم هذه الوسائط إلى عدة فئات
أبرزها ما يلي:
1- الوسائط المكتوبة: وتتضمن أدب الأطفال من قصص وحكايات، وكذلك المجلات
والمعاجم ودوائر المعرفة العلمية والتاريخية، وكتب السير والتراجم.
2- الوسائط المسموعة والمرئية: وتتضمن المسلسلات والحكايات والبرامج التي تعرض في الإذاعة، وكذلك برامج التلفاز على اختلافها: تربوية، وتعليمية، ووثائقية، وترفيهية، ومغامرات - وتاريخية.
3- الوسائط المجسدة: من مسرح أطفال، ومسرح دمى، على اختلاف موضوعاتها ومستوياتها.
4- الفنون الجميلة: وتتضمن الموسيقى والأغاني للأطفال وكذلك الفنون التشكيلية.
5- الوسائل التربوية والألعاب: وهي تضم تشكيله كبيرة من الأنشطة المعرفية:
أرقام، حساب، رياضيات، علوم، تاريخ، جغرافيا، علوم الطبيعة والحياة، ألعاب فكرية، وألعاب مهارة.
دور الأسرة في ثقافة الطفل:
تعتبر الأسرة مجالا مركّزا تنشد فيه التربية لتستثمر عوامل الثقافة وجوانبها ,ولتتيح للناشئين تشرّبها والتأثر بها، وحيثما كانت الثقافة صادقة في تعبيرها عن خصائص الأمة ، وذاتيتها مستوعبة لقيمها الإنسانية ،معبّرة عنها كانت التربية في نطاق الأسرة وسيلة صالحة لتنشئة الأجيال عليها.
ومن خلال التطور الحضاري الذي حققه المجتمع الإنساني أصبحت الأسرة قاصرة بمفردها عن تأمين متطلبات النمو المعرفي عند الأطفال.ولكن دور الأسرة يصبح فعالا ً عندما تسعى الأسرة إلى توفير وسائل الاتصال الثقافي الخاصة بالأطفال, وتكوين مدركات مختلفة اعتماداً على الكلمات والصور والرسوم والأصوات , وكلّ ما يجسّد المعاني والمواقف .وبالتالي ينتقل الطفل إلى مستوى الفهم بناء على هذه الخبرات وتنظيمها , ونجد أنّ للأسرة دوراً في تنمية ثقافة الطفل , ومن خلالها تأتي تنمية التفكير العلمي لديهم , وهذا يتطلب جهد الأسرة المتواصل على تنظيم خبرات الأطفال ، وإتاحة الفرص لهم للتعبير عن أفكارهم, وتعزيز التفكيرالعلمي الموضوعي لديهم ، وتنمية قدراتهم على الحوار المنطقي .
إنّه من السهل الحصول على الأطفال لأنّها عمليّة( بيولوجية) لا تحتاج لمهارة أو ذكاء أو تدريب, ولكنّ التحدّي هو تنشئتهم, والهدف البعيد لكلّ الآباء والأمهات هو تنشئة الأطفال تنشئة سليمة معافاة، وغرس القيم والمفاهيم الثقافية بحسب مستواهم الفكري من خلال إشاعة الجو الثقافي في جو الأسرة ,وإذا نشأ الطفل في بيت مفعم بالثقافة – الأب يقرأ ويبحث والأم تقرأ وتتابع المستجدّات، والكتب والصحف والمجلات المتوافرة في المنزل ،فإنّ هذا الطفل من غير شك سيتأثّر بهذا الجو ويعود عليه بالخير . وينبغي على الإعلام أن يقوم بإنتاج برامج تثقيفية لتنبيه الأهل إلى هذا المجال وبذلك يقدّم هذا الإنتاج التهيئة والارتقاء.
- صحيح أنّ دور الأسرة تراجع في المسألة الثقافية عندما أصبحت الأم تعمل ، وتقضي الفترات الطويلة خارج البيت، وتخلخل التفاعل بين الأم والأطفال وهو حجر الزاوية في بناء ثقافة الطفل ومع ذلك يبقى دور الأسرة له الأهمية في تنمية ثقافة الطفل عبر المراقبة الدائمة لمسيرة أطفالها وترغيبهم بالمطالعة ،وبانتقاء المصادر الثقافية الراقية.
دور المدرسة والمجتمع في ثقافة الطفل:
تكتسب المدرسة دوراً مهماً في المجتمع بشكل عام وفي حياة الطفل بشكل خاص. فغير دورها التعليمي في مجالي القراءة والكتابة، فهي يناط بها مسؤولية التربية أولاً ولذا سميت الوزارات التعليمية بوزارات التربية والتعليم.
ليس هذا فحسب وإنما تساعد المدرسة الطفل على فهم الواقع المحيط به والاندماج السريع والتفاعل معه وتساعده على الاكتشاف وإشباع حاجاته الذهنية عبر مواد الدراسة، وإشباع حاجاته الثقافية بمجموعة المعارف الموجودة المختلفة.
وإعداده للاستزادة فيها من أي حقل آخر، وإشباع حاجاته الاجتماعية عبر العلاقات مع الزملاء وهم يمثلون المجتمع الصغير للطفل الذي يتدرب فيه على الاندماج مع روح الجماعة والتمثل بقيمها لإعداده لدخول المجتمع الواسع.
وبما أن الطفل دائماً هو محور التربية، فإن المدرسة يجب أن تهتم به أكثر مما تهتم بالمناهج التعليمية وذلك لتفادي تسربهم من المدارس أو عدم تفاعلهم فيها.
إن المجتمع بحاجة ماسة إلى قادة في السياسة والفنون والعلوم لمواكبة ومسايرة عصر التقدم والتكنولوجيا , عصر الكمبيوتر وفضاء الانترنيت ، والمدرسة هي التي تكشف هؤلاء القادة والساسة وتشجعهم وتعدهم حتى يتبوءا مكانتهم المناسبة في المجتمع .
إن الحديث عن المدرسة لا يمكن فصله عن الحديث عن المجتمع ، إذ أن المجتمع يتكون من مجموعة أفراد لهم عادات وتقاليد وقيم مشتركة ، والمدرسة تتلقى أبناء هذا المجتمع وتهيئهم لأن يحتلوا مكانتهم في المجتمع كأعضاء ومواطنين صالحين لأن يعيشوا مع غيرهم. ولهذا تنظر التربية الحديثة إلى المدرسة باعتبارها مجتمعا صغيرا شبيها بالمجتمع الكبير الذي تقوم فيه .
ويقول جون ديوي في هذا :
إن الفشل الكبير في التربية اليوم يرجع إلى إهمال مبدأ أساسي هام أن المدرسة ما هي إلا مجتمع صغير ، وأن الطفل يجب أن ينشط ويوجه في عمله وتفكيره عن طريق حياته في هذا المجتمع .
أ / علي الهمالي أحمد