التلفزة و الطفل
إن المتأمل لواقع التربية بمجتمعنا يلاحظ أن جميع المؤسسات التربوية قد تراجعت عن دورها التربوي , و هي أشبه بالأجهزة المعطلة , و لم تعد تشتغل بكيفية يسمع صوتها بوضوح و يرى مردودها بجلاء , لأن بعضا منها لم يستوعب تحديات المرحلة فيخطط لها ( مثال الأسرة ) و البعض الآخر قد يكون على و عي بها لكنه استساغ القبول بالدعوات التي تغري بالانخراط في العولمة و التخلي عن المشاريع الوطنية المنطلقة من الخصوصيات الثقافية المحلية.
إن المدرسة بوضعها الحالي و في جميع الأطوار و الأسلاك لا يمكن أن تحدت تطورا و تغييرا في البيئة الاجتماعية ما دامت هي غير مستجيبة للتطور و التغيير , التطور نحو الأمثل , و اعتماد فلسفة تربوية مستمدة من ثقافة المجتمع الذي تنتمي إليه , و بناء برامج و مناهج تتوافق مع أصول تلك الثقافة ... و عليها أن تنفتح على المحيط و على الذات..
إن واقع إعلامنا اليوم بألوانه و أشكاله ليدعو إلى إعادة النظر في صياغة رسائله الإعلامية و كذا أدائه بشكل يراعي قيم الفئات المستهدفة و آدابها العامة , يحرص على الانسجام مع الأهداف التربوية للمؤسسات التربوية الأخرى( المدرسة و الأسرة..) حتى لا يتعارض أداؤه مع منظومة القيم الاجتماعية التي يفترض أن تحكم الأسرة و جميع المؤسسات التربوية بالمجتمع
إن الصغار أشد و أسرع تأثيرا من الكبار أمام وسائل الإعلام و خاصة التلفاز ... فتراهم جالسين أمامه بدون حراك تاركين دروسهم و حتى لعبهم .. بحيث لم يعد ممكنا منع الأطفال من مشاهدة التلفاز , و مع هذا الكم ( و ليس الكيف) الهائل من البرامج و الأفلام و المسلسلات
و بالمغرب من الأولى إلى التاسعة بدأت المنافسة الإعلامية تلوح في الأفق ناسية أو متناسية أذواق المشاهدين و القيم المجتمعية زد على هذا الدعاية المفرطة لبرامج أقل ما يقال عنها مضيعة للوقت و المال ... كبرنامج بغيت ندوز ف 2M و برناج للالعروسة و غيرها كثير من البرامج المجانية التي ألهت المتعلم عن دروسه و الأم و الأب عن أولويتهما التربوية
التلفزة لها انعكاسات سلبية على الطفل و تتجلى في أضرار تربوية كالسهر و عدم النوم مبكرا.. أضرار جسمية و عقلية كالخمول و الكسل و التأثير على النظر و الأعصاب ... أضرار نفسية كإثارة الفزع و الخوف( أفلام الرعب ) .
فمن ملك الإعلام ملك كل شيء كما قال الدكتور " ماجد بن جعفر الغامدي" الإعلام يسيطر ليس على الشارع فقط بل حتى على البيت و غرف النوم و الأحلام و المنامات .
إن الطفولة مرحلة مهمة من مراحل الحياة , و لا سيما مجتمعات خصبة كمجتمعاتنا , الطفل ( التلميذ) رهان كبير على المستقبل و الحاضر , الطفل هو الغد القادم و ما يرسم هذا الغد هو نوعية التربية و التلقين التي نقدمها لهذا الطفل في الحاضر.
فيجب أن تكون الغاية من الإعلام :
• تنمية الحس الجمالي لدى الطفل
• تنمية الخيال بأنواعه.
• تنمية الشعور الوطني.
• تنمية الثروة اللفظية.
فقد ذكر العلماء و المهتمين بالشأن التربوي الحاجات الأساسية للطفل – الحاجة إلى الغداء , الحاجة إلى الأمن, الحاجة إلى المغامرة و الحاجة إلى المعرفة-- انتقاء البرامج و الحرص على توجيه الأطفال و مراقبتهم أضحت ضرورة ملحة من لدن الأسرة و المدرسة .
ادريس مروان
مدير مدرسة سهام 2
نيابة المحمدية
الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين
جهة الدار البيضاء الكبرى