أسس رعاية الطفل السوي:
إن التوجه إلى الطفولة يعني فيما يعنيه،تعاضد علماء الاجتماع مع علماء التربية والأدباء والفنانين والباحثين،وغيرهم من أجل خدمة الطفولة وتطويرها وتنمية مواهبها،حيث أن كل فئة من هؤلاء المختصين معنية بخطوات حثيثة علمية مدروسة فيها من التضحية والبذل والاندفاع الكثير،صحيح أن العلاقات غير متكافئة فيما يتعلق برعاية الطفل بين المجتمع العربي عامة والمجتمعات المتطورة،كما أن أية دراسة أو بحث حول الطفولة في المجتمع العربي،لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والتاريخية للمجتمعات العربية.
وإن رعاية الطفولة لا تنطلق من فراغ بل تستمد جذورها من أسس قوية ترتبط بحياة الإنسان مثل الأساس الصحي والنفسي والخلقي والتشريعي والتربوي والاجتماعي وكل هذه الأسس مجتمعة معا وهامة لتحدث التوازن في حياة الفرد إننا بحاجة للنظر إلى أهمية هذه المرحلة وأهمية الاهتمام بكافة جوانبها.
أسس رعاية الطفل غير السوي:
إن الاسرة هي المسئول الأول عن رعاية الطفل المعاق لذلك يجب أن تواجه الموقف بإيجابية حتي يصل الطفل إلي التوازن والاتزان الوجداني والعاطفي ولعلاج العديد من السلوكيات الخاطئة التي قد تحدث اثناء رعاية الطفل المعاق حتى يمكن التغلب على بعض حالات الاعاقة يجب اتباع النصائح التالية للتعامل مع المعاق:
الإيمان بقضاء الله يجنب أسرة الطفل المعاق الاحساس بالإحباط والشعور بعدم القدرة على تحمل الاعباء الاضافية التي تضاف اليها نتيجة رعايتها للطفل المعاق.
يجب تلبية احتياجات الطفل النفسية والمادية لان ذلك الطفل له كيان وشخصية متميزة يلزم احترامها.
لا يجب التعبير عن الاحساس المستمر للطفل بأنه أصبح لا يقوي علي معايشة المجتمع والبقاء فيه حتى لا يصاب بالكآبة التي تعرضه للاضطراب الوجداني.
يمكن التغلب علي نوع الاعاقة الموجودة عند الطفل بتنمية حواسه للأسرة.
يجب تهيئة الظروف التي تساعد الطفل علي النمو الاجتماعي والانفعال الذاتي وذلك بمحاولة ابعاده عن المواقف التي تزيد من احساسه بمشكلته.
من آداب السلوك عدم المبالغة في رعاية الطفل المعاق حتى لا يعتمد علي الآخرين فيما يحتاجه أو لا يحتاجه لأن ذلك يعوق نمو شخصيته.
اصطحاب الاسرة للطفل المعاق خارج المنزل ومساعدته علي التعامل مع الآخرين سيشعره بعدم النقص.
الرعاية الاجتماعية للإعاقة:
الرعاية الاجتماعية واجب أخلاقي وطني لذا تعد حتمية لا جدال فيها، فقد أوضحت الدراسات النفسية والاجتماعية،
إن الإنسان عندما يصاب بإعاقة معينة، ينتابه شعور بالنقص، نتيجة افتقاره أو قصور جزء من التركيب الفسيولوجي له، وقد يتأثر بها، ومن ثم تحدث عملية تغيير في سلوكه الاجتماعي مما يؤدي إلى رفضه للمحيطين به، ورفض المحيطين به له
ومن هنا، تبرز أهمية دور الخدمة الاجتماعية داخل مؤسسات المعوقين، ليس من أجل تعديل السلوك غير المقبول للأفراد المعوقين، بل وأيضا لدعم وتطوير السلوك الاجتماعي الإيجابي المرغوب فيه لدى تلك الفئة من فئات المجتمع.
وتعتمد رعاية المعوقين على أبعاد ثلاثة :
1 - . البعد الإنساني :
والذي يستمد دوافعه من مبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء التي أكدت تكافؤ الفرص بين جميع الأفراد ولا فرق في ذلك بين سوي ومعاق فالكل سواسية والكل يستطيع ان يشارك في واقعه الذي يعيش في إطاره يتساوى في ذلك كل الناس مهما اختلفت دياناتهم أو أعراقهم أو جنسياتهم.
2- البعد الديمقراطي:
وهو قائم على أساس كفالة الحقوق والواجبات لكل الأفراد ، فإن المجتمع مسؤول عن كل فرد فيه ويقع الإثم على جميع افراده إذا أصبح واحدا منهم جائعاً لا يجد ما يسد جوعه وهذا في نفس الوقت مبدأ هام يقوم عليه التكافل الاجتماعي بمعناه الواسع الكبير في الإسلام.
3- . البعد الاقتصادي :
إن رعاية المعوقين تعد توظيفاً لرؤوس الأموال لا استهلاك لها أي لا يحق للهيئات الطبية المحلية ان تتجاهل مشكلة المعوقين نظرا لخطورة أبعادها الاقتصادية وأهمية ما يمكن تعويضه من أموال طائلة تعود على دخل الأمة إذا ما خططت برامج التأهيل للمعوقين.
أساليب الرعاية الاجتماعية للمعوقين:
تختلف أساليب وبرامج الرعاية والتأهيل الشامل للمعوقين حسب نوع ودرجة الإعاقة بل حسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بالفرد المعوق وأسرته ويتم تصنيف تلك الأساليب إلى ما يلي :
1- الرعاية المنزلية : وتتم في إطار الأسرة والمجتمع لتسهل اندماج المعوق في المجتمع وإزالة العوائق والحواجز دون عزله في مؤسسات خاصة.
2- الرعاية النهارية : وتتم في مؤسسات خاصة أو فصول خاصة يلتحق بها المعوق اثناء النهار ويعود يوميا إلى أسرته.
3- الرعاية الإيوائية الكاملة : تتم مع حالات المعوقين شديدي الإعاقة الذي اثبت البحث الاجتماعي والفحص الطبي والنفسي ان حالتهم تتطلب رعاية إيوائية في مؤسسات خاصة.
4- الرعاية اللاحقة : وتتم بعد انتهاء تأهيل المعوق حيث تقوم المؤسسة بتشغيل خريجيها وتتبع حالتهم لمدة سنة على الأقل يقوم خلالها الأخصائيون بتقديم الرعاية والمساعدة الممكنة التي تتطلبها حالة المعوق.
خدمات الرعاية الاجتماعية للمعوقين:
وهناك مجموعة من الخدمات، يجب أن تقدم في مجال رعاية المعوقين، وذلك لوقاية أفراد المجتمع من الوقوع في الإعاقة، أو لإشباع احتياجاتهم الذين وقعوا منهم في الإعاقة من جانب آخر. ويمكن ان نوجز هذه الخدمات فيما يلي :
1- الخدمات الوقائية :
لا ينبغي إغفال الجانب الوقائي عند معالجتنا لمشكلة المعوقين إذ لا يمكن ان يكون للخدمات المبذولة في هذا الميدان الطابع الإيجابي دون ان تمتد آثاره إلى مصادر المشكلة وجوانبها المختلفة بهدف الحد من تفاقمها مثل حماية البيئة وإجراءات تدعيم الصحة كإجراء غير مباشر للوقاية من حدوث الإعاقة، وذلك عن طريق التوعية بأساليب التغذية السليمة، ورعاية الحوامل والتحصين ضد الأمراض المعدية والتي قد تؤدي إلى إعاقة جسمية كشلل الأطفال، أو حسية ككف البصر، كما ان الاكتشاف المبكر للأمراض وسرعة علاجها، يؤدي إلى الوقاية من أي عجز قد ينتج عنها.
2- خدمات الحصر والتسجيل :
إن الاكتشاف المبكر لحالات الإعاقة، وتحويلها في الوقت المناسب للجهات الطبية المختصة، لذو أهمية بالغة في نجاح عملية العلاج والتأهيل. ويتوقف اكتشاف الحالات على تنظيم عمليات الحصر والتسجيل وتنسيق وتكامل جهود الخبراء والمختصين في هذا المجال، مما يساعد على تحديد حجم مشكلة المعوقين من جانب، والتخطيط لمواجهتها من جانب آخر.
3- الخدمات الطبية :
يقصد بها الإشراف الصحي العام على المعوقين، سواء كان ذلك من أجل علاج العاهة أو أي عرض آخر، ويجب أن يتسم الإشراف الطبي بالتتبع والاستمرارية، مع تركيز الاهتمام على العلاج الطبيعي، خاصة في حالات الإعاقة الجسمية، وذلك يتطلب توافر الأجهزة اللازمة لذلك من جانب، وتوفر الأجهزة التعويضية من جانب آخر.
4- الخدمات النفسية :
فالمعوق في حاجة إلى الخدمات النفسية لتساعده على اكتشاف ما تبقى لديه من إمكانيات وتغيير نظرته لاستعادة ثقته في ذاته، وإعادة توازنه الانفعالي حتى يمكنه الاستفادة من إمكانياته المتاحة. وتشمل تلك الخدمات التوجيه والإرشاد للوالدين ودعمهما نفسيا للقيام بمسئوليتهما تجاهها وقائيا وعلاجيا.
5- الخدمات الاجتماعية :
وهي تعنى بدارسة كل ما يتعلق بالظروف الاجتماعية للمعوق سواء كانت ظروف بيئيه أو أسرية، أو مهنية، أو تاريخه وذلك باستخدام الأساليب المهنية للخدمة الاجتماعية لمساعدته على التغلب على المشاكل التي تواجهه أو تواجه أسرته. وتزويد المعوق بالعادات الاجتماعية والخلقية السوية من خلال البرامج الاجتماعية التي يشترك فيها سواء كانت على مستوى الفرد أو الجماعة أو مجتمع المؤسسة العلاجية.
6- الخدمات الإعلامية والتوعية :
وتتم عن طريق المؤتمرات والندوات والبحوث العلمية وبرامج التدريب المختلفة، وذلك لتوعية الجماهير بأساليب مشكلات المعوقين وتحسين اتجاهات المجتمع نحوهم.
7- الخدمات التعليمية والتربوية :
يحتاج المعوق لفصول أو مؤسسات تعليمية خاصة بهم ومدرسين متخصصون في تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة وفقا لنوع العاهة، ومفاهيم وبرامج دراسية تتفق وقدرات كل معوق لاستثمار ذكائهم وإمكانياتهم المحدودة.
المراحل والخطوات الأساسية لرعاية المعوقين :
تتم عملية الرعاية والتأهيل للمعوقين من خلال عدة مراحل وخطوات هامة قد يحتاج إليها المعوق عند تأهيله أو بعض منها وهذه المراحل والخطوات نحصرها فيما يلي :
أولاً : التشخيص التقويمي الشامل للمعوق.
تعد أول خطوة على طريق الرعاية للمعوق هي تشخيص ودراسة حالة المعوق دراسة شاملة تقدر مدى العجز وشدته ودرجته ومستقبل الحالة واحتياجات المعوق وأسرته ودفع خطة الرعاية والمقترحات المتعلقة ويتكون التشخيص التقويمي الشامل للمعوق من العناصر التالية :
1- التقويم الطبي والصحي العام لحالة المعوق وقياس المستوى الصحي واكتشاف الحالات المرضية الأخرى.
2- التقويم النفسي للمعوق: قياس دراسة الحالة النفسية وأثر العجز على شخصيته.
3- التقويم الاجتماعي للمعوق : دراسة العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي يكون لها أثر على حالة المعوق ورعايته.
ثانياً : الرعاية الشاملة للحالة.
ثالثاً : المتابعة والرعاية اللاحقة للمعوق.
وهذه المراحل السابقة هي حجر الأساس في ظهور برنامج (التدخل المبكر) الحديث.
ارتفاع نسبة الإعاقة بين الأطفال التي ترجع إلى أسباب أهمها :
1- الزيادة الكبيرة في نسبة الحوادث (المنزلية بصفة خاصة وتليها حوادث الطرق) وخاصة بالنسبة لمن هم دون السادسة من العمر.
2- سلسلة أمراض سوء التغذية التي يعاني منها الرضع والأطفال نتيجة قصور الوعي وعزوف الأمهات عن الإرضاع الطبيعي واستعمال الأغذية المستوردة في غياب نظم وأجهزة الرقابة الغذائية المحكمة قضائيا عن انتشار الطفيليات وأمراض سوء التغذية.
3- ارتفاع حالات الولادة المبسترة ونقص وزن الجنين عند الميلاد ونتيجة الزواج المبكر وسوء التغذية بين الأمهات وتكرار الحمل والولادة على فترات زمنية قصيرة.
4- انتشار الأمراض السارية التي تصيب الأطفال رغم توفر الخدمات الصحية وذلك نتيجة قصر الوعي الصحي وتركيز هذه الخدمات على الجانب العلاجي على حساب الخدمات الوقائية.
5- قصور برامج التطعيم والتحصين ضد الأمراض القابلة للوقاية بالتحصين وكذلك نتيجة ضعف سلسلة إجراءات التبريد في بعض مجتمعات المنطقة مما يفسر انتشار أمراض شلل الأطفال …. الخ.
6- انتشار أمراض العيون (التراكوما) مع نقص فيتامين (أ) ما سيؤدي إلى حالات فقد البصر.
7- اعتماد الكثير من الأسر على الخادمة في تربية أطفالها دون إشراف كاف من الأم.
8- عدم وجود برامج وأجهزة لإجراء الفحص قبل الزواج وازدياد أعداد الولادات التي تعاني من تشوه جسمي أو خلل أو تخلف عقلي أو شق الأنف وسقف الحلق أو غيرها من الحالات نتيجة الزواج المغلق داخل الأسرة وبين الأقارب وهي عادات منتشرة بين المواطنين في المناطق الريفية والبدوية.
9- ضعف أو غياب برامج التوعية بأسباب ومظاهر الإعاقة في برامج التلفزيون والإذاعة وغيرها من وسائل الإعلام.
أ / علي الهمالي أحمد