دور الإدارة التربوية في الارتقاء بالمدرسة العمومية
إن اقتراح إحياء أيام من أجل المدرسة الوطنية العمومية, بادرة جيدة و محمودة, بعنوان لنتشبث بالقيم الدقيقة للمدرسة العمومية المحرك الرئيسي لرقي الوطن. لنشحذ الهمم و نحاول تجميع الكلمة و نضم صوتنا لصوت المدرسين و المشرفين التربويين و التلاميذ و الآباء و الأمهات
و الشركاء من أجل المحافظة و الدفاع على مكتسبات الإرث الاجتماعي المتمثل في المدرسة العمومية المغربية.
و المجتمع المدرسي بكل مكوناته و انطلاقا من الواجب الوطني , يعمل دوما على إسماع العالم التربوي بأن المدرسة و الأسر و الفاعلين الاقتصاديين و الاجتماعيين منبع مهم لتطوير المدرسة العمومية و إعادة الاعتبار لها... و النظام التعليمي العمومي هو النواة الأولى للديمقراطية التي يسعى المجتمع بواسطتها بناء صرح دولة الحق و القانون و مجتمع حداثي ديمقراطي يستجيب لمتطلبات العصر.......
الإيمان بالدور الفعال للمدرسة العمومية و إعادة الاعتبار لها يقتضي قبل كل شيء إبداء الرغبة الأكيدة و الجامحة و التلقائية من طرف المسؤولين لتمتيع هذه المدرسة بسلطة إدارية تجعلها أكثر استقلالية تكون حافزا للمبادرة و الابتكار و اتخاذ القرار بكل حرية و اطمئنان...و قد أكد اللقاء الأخير خلال شهر أكتوبر2011 بالمؤتمر الدولي الثالث المنعقد بالدوحة حول الابتكار في التعليم , أكد على ضرورة إعطاء مزيد من الاستقلالية للمؤسسات التعليمية بالإضافة إلى التكوينات و التحفيزات للأطر الإدارية و التربوية..... . و يجب أن نومن بان كل صوت صدر من المجتمع المدرسي أو المحيط ... هو صوت يساهم و يشارك في تربية ديمقراطية أساسها بناء ورش مدرسي متمركز حول التطور المندمج للتلاميذ .إحياء ذكرى للمدرسة العمومية و استحضار انجازاتها و مساهماتها في بناء صرح المجتمع المغربي مند الاستقلال إلى اليوم بتذكر رجالات الدولة الذين بصموا تاريخ المغرب و تخرجوا من المدارس الوطنية العمومية المغربية, هو اعتراف بموروث اجتماعي دائم العطاء يتمظهر من حولنا و يجعلنا نحس بالفخر و الاعتزاز كمواطنين مغاربة تتلمذنا بمدارس وطنية عمومية ..و كلنا نتذكر بعد الاستقلال وإلى أواخر السبعينات الدور الذي لعبته المدرسة العمومية ...و كل من اتجه للتعليم الخصوصي يكون قد فشل في مسايرة الدراسة بالتعليم العمومي
إننا بالاحتفال بهذه المناسبة – المدرسة العمومية المغربية و دورها في بناء المغرب الحديث- نعطي للمدرسة العمومية المصداقية و المكانة اللائقتين بها... الارتقاء بالمدرسة العمومية هو تأكيد لما جاء في صلب البرنامج الاستعجالي " التلميذ في صلب اهتماماتنا" مناسبة لإعادة دور المدرسة للمدرسة و هي فرصة كذلك لانفتاح المدرسة على محيطها الاجتماعي و البيئي و الاقتصادي و في نفس الوقت نضع بين جدرانها سالف مسؤولياتها بكل ثقة
وباعتبار أن الإدارة التربوية محرك أساسي و محوري في إنجاح العملية التعليمية التعلمية وجب تأهيلها و توفير صلاحيات كافية من شأنها جعل مدير المدرسة يمارس عمله بإيجابية أكثر , فعند تحليل صلاحيات مدير المدرسة اليوم نجد أنها عبارة عن مجموعة من المهام و المسؤوليات لاتعد و لاتحصى , والتي ظلمت بتسميتها صلاحيات
الكفايات الواجب توفرها في المدير للنجاح في مهمتةهي: 1- المهارات الذاتية 2- المهارات التقنية 3- المهارات الإدراكية 4- المهارات الإنسانية. ولكن في غياب آليات التطبيق , و في غياب الحوافز التي تزيد من دافعية الإنسان للعمل و تستقطب الأفراد و تدفعهم نحو الرغبة في العمل .. في غياب كل هذا يبقى الإحباط و العزوف عن تطوير الأداء بواسطة التكوين الذاتي و المستمر و الذي ينتج عنه تدني الأداء و المردودية للإدارة .. علما أن الجهود الزائدة عن المعدل الطبيعي لا تتحقق إلا من خلال الحوافز , و كلما توفرت الظروف للمدير كلما كان استعداده أكبر لبناء علاقات مهنية متميزة مع المدرسين و التلاميذ و الآباء ...
و انطلاقا من واقع خبرتي العملية بالإدارة التربوية ( المدرسة الابتدائية) و من خلال استطلاع شفوي على بعض الزملاء المديرين في عدة لقاءات غير رسمية , من بين الأسئلة التي طرحت :
* ما الأسباب التي تجعل المكلفين بالإدارة يلوحون بمفاتيحهم في إشارة إلى رغبتهم العودة إلى القسم و ذلك أتناء يوم غضب الإدارة التربوية ل 31 أكتوبر 2011؟
* ما الأسباب التي تحد من دافعية المكلفين بالإدارة التربوية نحو الأداء الأفضل؟
كانت الأجوبة متشابهة على العموم:
- إن العمل في مجال الإدارة التربوية هو عمل جديد على الأستاذ المدرس و هو عمل يتطلب جهدا إضافيا و إعدادا مسبقا للقيام بهذا العمل على الوجه الأكمل و كثرة المهام دون ضمانات أو حوافز جعلت جل المديرين يفضلون العمل بالقسم..
- إن أعباء المسؤوليات الملقاة على عاتق مدير المدرسة كبيرة لايقوى على تحملها إلا من كانت ظروفه النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية و العائلية مناسبة.
- إن العمل في مجال الإدارة التربوية يفتقر إلى مزيد من الحوافز المادية و المعنوية كالإطار الذي يخول للمدير صلاحية ممارسة مهامه بكل ثقة في النفس.
- إن من يعمل بالإدارة التربوية معرض للانتقادات اللاذعة و المساءلة أكثر من غيره في حالة وجود أي هفوة في عمل المدرسة مهما بذل من جهود مضنية و مصيره العودة إلى القسم لأنه ليس إلا أستاذ مكلف بالإدارة .
إن صلاحيات المدير محدودة جدا على الرغم من أهمية دوره في تلميع صورة المدرسة العمومية و الارتقاء بها ....إن محدودية أو انعدام الإمكانات ( كموقع المدرسة, نوعية بناءها, عدم وجود عون بالمدرسة......) كلها أمور تساهم في تراجع دور المدرسة العمومية... وغيرها من الأسباب كثير....
ادريس مروان
/ مدير مدرسة سهام2/ نيابة المحمدية