لمدرسة الوطنية العمومية بين: :
الأمس...... و اليوم........ و آفاق المستقبل
دور المدرسة موضوع ليس بالجديد فمند أن استعمل الإغريق كلمة "مدرسة" لأول مرة , انشغلت المجتمعات بالموضوع, و على مدار مراحل تاريخ التربية كان الاهتمام بدور المدرسة , سواء تعلق الأمر بالتربية الفلسفية, أو الإدارية أو الحربية , فالمدرسة تستمد دورها من القيم الإنسانية للمجتمعات السالفة , هذا الدور يختلف و يتنوع قديما من إمبراطورية لأخرى , لكن كان الإجماع على أن التربية تخص النخبة من المجتمع التي ستشغل استقبالا مناصب إدارية و حكوم
أما بعد انحطاط الدولة الرومانية بدأ الاتجاه نحو دمقرطة التربية – و حتى ببعض الدول العربية- فمدرسة روما قديما فتحت أبوابها في وجه الأطفال ابتداء من سن السابعة 7) إلى سن 15 بالنسبة للذكور و 11 بالنسبة للإناث .... و كان العنف من الأساليب السائدة بالمدارس الغربية .
أما المدرسة اليوم فقد عرفت تحولات جذرية و تقدما ملحوظا في أساليب التربية و التعليم, والمتتبع لمسيرة التربية و التعليم بالمدرسة العمومية المغربية يلاحظ أنها انطلقت من المساجد و دور المسيد و الحلقات... تم انتقلت إلى مقاربات متعددة الجوانب تبدأ من التعليم الكلاسيكي العتيق التقليدي بكل أصنافه – الزوايا, دور الندوة ....إلى المدرسة الفرنسية , البعثات الأجنبية و مراكز الثقافة ......
إن المدرسة المغربية العمومية كانت منفتحة على محيطها بشكل تعاقدي مع الأساتذة , فالتعلم كان يتم عن طريق المشاركة الفعلية في شؤون الحياة المدرسية , كان المعلم مصدر المعرفة الساهر الفعلي و الفعال على تعليم الأطفال , يخضع في وظيفته إلى مراقبة الجماعة التي تتعاقد معه عن طريق الشرط, كما كان المنهاج المدرسي يترجم الأهداف و الاتجاهات التربوية للمجتمع و منبثقا من حاجات البيئة التي يعيش فيها الأفراد و من متطلبات تنميتهم , بل لقد كان العرف جاريا على أن يضع الأب الخطوط العامة لطريقة تعليم ولده و تهذيبه, و قد ظل هذا الوضع قائما حتى نشأت المدارس النظامية و أصبح المعلم يعين من طرف الوزارة الوصية التي لها الحق في الإشراف على التعليم و البرامج و المناهج و مرد ذلك هو تعقد الحياة و التطور السريع في بنيات المجتمعات و اتساع المعارف الإنسانية و ظهور الحاجة إلى التخصص و الكفاءة.....و هناك أسباب أخرى مرتبطة بما هو سياسي و بالتخطيط العمودي .....
المدرسة العمومية في السابق كانت معبرا يؤدي إلى الرقي الاجتماعي و المعرفي و كذا الحصول على مهنة شريفة , لكن ما نلاحظه اليوم هو العكس , بحيث أصبحت المدرسة تساهم في الرفع من نسبة العاطلين عن العمل, بسبب عدم توافق الشواهد مع متطلبات سوق العمل .........لإرجاع الثقة بين المدرسة العمومية و المجتمع لابد من البحث على الدواء و العلاج المناسب لتلك المثطبات و المشاكل التي تؤثر سلبا على التعاقد بين المدرسة و محيطها......
بعد التعرف على الحاجيات المحلية و أخدها بعين الاعتبار لبناء المنهاج المدرسي , علينا أن نسعى استقبالا إلى :
• النجاح في الانخراط المدرسي .
• النجاح في الحصول على الدبلوم الملائم لحاجات الشغل.
• النجاح في جودة التكوين.
• النجاح في جلب النفع للمتعلمين.
• النجاح في الانخراط الكلي و التلقائي لجميع مكونات المجتمع المدرسي في الحياة المدرسية.
** المدرسة العمومية و الوسائل الرقمية .
مند أن بدأت مهمة مدير مدرسة ابتدائية أواسط التسعينات , أتذكر أني أتضايق عند كل زيارة اللآباء للمؤسسة بمناسبة الأبواب المفتوحة أو خلال زيارات تفقدية لعمل أبنائهم , أتضايق ليس من الزيارة فهي واجب على كل أب لتتبع تعلمات ابنه و المساهمة بجانب المدرسة لتقييم و تقويم عمل الابن (التلميذ) و لكني أتضايق لأن بعض الآباء و هم يتبادلون أطراف الحديث و أسترق السمع لسماع أحدهم يقول للآخر " إيه, إنها لازالت كما هي رغم مرور السنين , لم يتغير شيء مند أن كنت أدرس بها ... ابني سيدرس في نفس القسم الذي تعلمت فيه وقد يجلس على نفس الطاولة..."
لم أتدخل و اكتفيت باستراق السمع و الإنصات لهذه الشهادات و الملاحظات و لكن بداخلي مضاقات و إحراج..... و تساءلت مع نفسي لو أن نفس الأب رافق ابنه إلى مستشفى عمومي لإزالة الدودة الزائدة , و أبدى نفس الملاحظات هو أن المستشفى لم يتغير فيه شيء البنايات والوسائل , هل سيترك ابنه لإجراء العملية في نفس الظروف و بنفس الوسائل القديمة..؟ بالطبع لا خوفا على سلامة ابنه ...
أما بالنسبة للمؤسسات التعليمية فنقبل بالقديم لنساير به الحاضر و نتطلع به إلى المستقبل الذي سيكون ولا شك اكثر تعقيدا .. ليس المهم استعمال سبورات بيضاء عوض السوداء أو الخضراء حتى نقول إننا أحدثنا تغييرا بالمدرسة العمومية .... لا زال بمدارسنا شيء من البيداغوجيا القديمة و ما علينا إلا أن نتساءل عن أهمية الإملاء و النحو في عصر التقدم المهول لتكنولوجيا المعلوميات . إن الممارس لمهنة التعليم يعرف جيدا أن قلم الأمس هو حاسوب اليوم , و سيلة للبحث و الكتابة و القراءة و الحساب و أشياء أخرى... بطبيعة الحال لا يمكنه تعويض عمل الأستاذ و لكنه وسيلة من الوسائل المساعدة على إنجاح الدرس و ترسيخ المفاهيم و إيصال المعلومة.
ادريس مروان
مدير مدرسة سهام 2
نيابة المحمدية/المغرب