دور مشروع المؤسسة في تطوير المؤسسة العمومية
يجب أن نوضح جليا أن المدير ليس إلا ممارسا ليست له العصا السحرية أو القدرة على تغيير ما تعرفه مؤسساتنا التعليمية من إخلال و تقصير في أداء الواجب , و لكن بخبرته و تجربته في الميدان يعمل على تفعيل الحياة المدرسية بإشراك جميع مكونات المجتمع المدرسي ...
ليس المدير باحثا في علوم التربية أو علوم الإدارة , لكنه يرفض الحربائية أو التلوين بالواقع و المحيط المتواجدة به المدرسة و التي تقف حجرة عثرة أمام التقدم و التطوير و الخلق و الإبداع ..... فالمدير يسعى دائما لإشراك الجميع لتحقيق هدف مشترك...
* ما هو دور المدير في جعل المدرسة حية و في حركة دائمة؟
* كيف للمدير أن يجعل للأطر التربوية تأخد الثقة في النفس؟
* ما هو السبيل لكسب ثقة الأساتذة و الآباء و التلاميذ؟
* كيف للإدارة التربوية, خاصة إذا كانت تختصر في شخص واحد كمدير المدرسة الابتدائية, أن يبني علاقات إنسانية داخل المؤسسة قوامها التواصل و الاحترام المتبادل و الثقة بين الجميع لتسهيل العمل بالمقاربة التشاركية؟
* من أين نبدأ عندما نريد تغيير أجواء المؤسسة و تحويل التعاليق و المعاملات السلبية إلى أفعال و مبادرات إيجابية؟
* كيف للإدارة التربوية إثارة و جلب المتدخلين في الحقل التربوي و المجتمع المدني على الانفتاح على المؤسسة...؟
هذه الأسئلة و غيرها تتبادر لدهن كل مهتم بالحقل التربوي غيور على المدرسة الوطنية العمومية ... أسئلة طرحت و ستظل تطرح من طرف كل أستاذ كلف بتدبير شؤون مؤسسة تعليمية كما طرحتها أكثر من 15 سنة مضت إلى اليوم وأنا مكلف بتسيير مدرسة سهام 2 التابعة لنيابية المحمدية, مدرسة تستقطب أطفال دور الصفيح يعان أسرهم الأمرين , مرارة السكن غير اللائق و مرارة ضيق الحال و الحاجة المفرطة ... ظروف جعلت المدرسة ضحية سمعة محيطها....
بالرغم من المجهودات الكبرى التي قام بها المديرين الذين تعاقبوا على تدبير شؤون هذه المؤسسة, إلا أنه لازال شئ ما ينقصها نظرا لموقعها و بنيتها التحتية , بناؤها المفكك , غياب العون , الاكتضاض.... المؤسسة في حاجة لتضافر الجهود و تكتل الجميع , مكونات المجتمع المدرسي , الآباء و الأمهات و الفاعلين التربويين وكل متدخل في الحقل التربوي , التكتل حول مشروع هادف يحشد الهمم و يقوي روح العمل الجماعي ... ينطلق هذا المشروع من المنظور المحلي للمؤسسة و يساهم الكل في تشخيص وضعية المؤسسة لتحديد الحاجيات و تصنيف الأولويات مع تسطير الأهداف و بلورة المشروع باستراتيجيه قابلة للإنجاز ينخرط الكل في تتبع مراحل الإنجاز و قويم فعالية النتائج لتكون المدرسة جذابة قادرة على جلب النفع للمتعلمين..
سنة تقريبا لإرساء الثقة بين الجميع , بين الإدارة و المدرسين و الآباء و التلاميذ , لخلق جو أساسه العلاقات الإنسانية في التدبير الإداري, المرتكز على المقاربة التشاركية و التواصل الاستراتيجي و التدبير المتمحور حول النتائج.... وهذا هو التحدي الأول الذي يصادف المدير الجديد بالمؤسسة, خلق مناخ للعمل المشترك.
مرحلة يجب التهيء لها بواسطة الحوار لكسب ثقة باقي مكونات المجتمع المدرسي , توحيد الرؤى و التصورات و تقبل جميع الملاحظات و الاقتراحات حتى من طرف المترددين على المؤسسة..
توسيع دائرة الاقتراحات من شأنه أن يفيد المشروع , إشراك الجميع في عملية التشخيص و الاقتراح يساعد على إخراج المدرسة العمومية من حلتها القشيبة و مادتها القديمة بمعنى يجب تذويب الخلافات الثنائية أو الجماعية بين مكونات المجتمع المدرسي ... و خلق جسر للتواصل و الحوار البناء من أجل مصلحة التلميذ..
التحدي الثاني الذي يواجه المدير الجديد بالمؤسسة هو إثبات شخصيته كرئيس للمؤسسة:
عندما تكون الأجواء مشحونة و سلبية داخل المؤسسة, ترى الأساتذة المدرسين منعزلين بأقسامهم , يتفادون الحوار نع زملائهم و مع الإدارة خاصة المتعلق بالجانب التربوي , بالرغم من أن لهم أفكار و مواهب يمكن الاستفادة منها و استغلالها لمصلحة التلميذ أو ما نسميها بالطاقة الكامنة داخل المؤسسة.... فتح باب النقاش داخل المؤسسة و تقريب الرؤى و إذكاء روح الحماسة بين صفوف المدرسين, دور من أدوار المدير الذي يجب أن يلعب دور الوسيط و المنسق و الناصح و المرشد و المبادر في كل العمليات ليكون قدوة ... و بهذا يمكن دمج الأساتذة في العمل الجماعي و استغلال إيجابا طاقات و مواهب و أفكار الجميع.....
لكي تكون رئيسا عليك أن تكون المثل داخل المؤسسة في التضحية و الصبر و التريث في اتخاذ القرار, لك صدر رحب لتقبل الاختلاف و الانتقاد ... مصداقية الإدارة تتوقف على الحوار الصريح , على الشفافية و الوضوح و النزاهة و التلاحم و الدينامكية و الايجابية ..... لتغيير النظرة التقليدية عن التدبير الإداري .
قد يصادف المدير الجديد بمؤسسة تعليمية عمومية تحد ثالث و المثمتل في ممارسة الإدارة , رئيس المؤسسة , الذي يمارس القيادة , ليس بهدف الحافظة على الوضع الراهن , عليه التجديد و السهر على ما هو تربوي, و التي لها علاقة بالوقع الايجابي على المردودية و التي من شانها جلب النفع للمتعلمين...
على المدير أن يتجنب الدور السلبي داخل المؤسسة و ذلك بتفادي الأخطاء و المشاكل ... الأخطاء و المشاكل جزء من الممارسة الإدارية التربوية , تدبير المشاكل و الأخطاء جزء من المهمة, إذا أردنا تفاديها فعلينا تغيير المهنة , لأنه من باب المستحيل أن يمر يوم أو يومين دون مواجهة مشاكل داخل المجتمع المدرسي مع المدرسين أو التلاميذ أو الآباء أو الفاعلين التربويين و كل متردد على المؤسسة , تدا وجب الاعتماد على أسلوب التواصل الاستراتيجي و العمل الجماعي من خلال بناء علاقات إنسانية و الحوار البناء, الحوار كنشاط يومي له ضوابط و يستوجب احترام بعض المبادئ , تمرير الخطاب يكون بطريقة سلسة , نسهر على أن أتميز, كمدير, بالأذن الصاغية و حبكة الإنصات و الاستماع... قد نخاطب المدرسين و التلاميذ و الآباء لساعات و لكن هل هناك من جدوى و آثار....
على المدير التحكم في لعبة و آلية العلاقات مع الآخر , عليه أن يعمل بما ينصح به الغير أي عليه أن يكون المثل و القدوة... يتجنب الجوانب السلبية لكي لا يكون عائقا ....
لإنجاح أي حوار داخل المؤسسة التعليمية لابد من مراعاة عدة أمور من طرف المدير منها.
• الناس يحبذون مستمعا جيدا لمحاور جيد.
• لتكون مهما عليك أن تكون مهتما.
• عليك أن تكون متفهما.
• عليك أن تكون نزيها مبتعدا عن الكذب و المداراة.
• لا تتكلم عن نفسك حتى لا تصبح أنانيا.
• لا تقاطع محاوريك أثناء المداخلات .
• يجب إثارة الحوار بجلب الحضور ( المدرسين و الآباء) للحديث عن أشياء يحبونها ومن شأنها تلميع صورة المؤسسة و جلب النفع للمتعلمين.
• انتقاء المحاور التي تثير الفضول و تجعل الجميع ينخرط بكل تلقائية .
• استمع دائما لما يقترح.
• لا تبحث على أن تكون دائما على صواب.
• لا تنتقد المتدخلين.
ادريس مروان
مدير مدرسة سهام 2
نيابة المحمدية
أكاديمية جهة الدار البيضاء الكبرى/المغرلب
Driss.marouane@gmail.com